يقع دير السلطان بجوار كنيسة القيامة، أو بعبارة أخرى داخل نطاق موضع الصلب والقبر المقدس، ويعتبر من الأماكن المسيحية المقدسة التي يسرى عليها نظام Quo Status أى "الوضع الراهن" وهى: القبر المقدس وملحقاته –دير السلطان- قبر السيدة العذراء بالجثسيمانية – كنيسة المهد. ولدير السلطان أهمية خاصة تاريخية عند الأقباط، كما أن دير السلطان يُقرّب الطريق من البطريركية القبطية الأرثوذكسية إلى كنيسة القيامة. وتبلغ مساحة هذا الدير ألف وثمانمائة متر مربع تقريباً. وهو متصل من الشمال بالبطريركية القبطية، ومن الغرب بمبانى كنيسة القيامة، وتقع ساحته بالتحديد فوق كنيسة الملكة هيلانة (مغارة الصليب). وفى الزاوية الجنوبية الغربية لهذه الساحة كنيستان تاريخيتان على الطراز القبطي هما :
كنيسة الأربعة الأحياء غير المتجسده
وهى الكنيسة التي تقع فى الطابق العلوي، ومساحتها 42 متراً مربعاً، وبابها يفتح على ساحة الدير، كما يمكن الوصول إليها من كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل التي تقع فى الطابق السفلى، بواسطة درج يفصل بين الإثنين. وكنيسة الأربعة الأحياء غير المتجسدة لها مذبح واحد، وحجاب الهيكل خشب مُطعّم بالعاج على شكل صلبان حسب الفن القبطي القديم، وفوق باب الهيكل، نُقش على حجاب كتابتان مُطعمتان بالعاج، الأولى مكونة من سطرين، كُتب فى السطر الأول: "مساكنك محبوبة أيها الرب إله القوات"، وفى السطر الثاني كُتب "ارتفعي أيتها الأبواب الدهرية ليدخل ملك المجد". أما الكتابة الثانية فمكونة من سطرين أيضاً: كُتب فى السطر الأول باللغتين القبطية والعربية هكذا: "السلام لهيكل الآب 1103 274 د أما السطر الثاني تحته فكُتب عليه : " عوض يارب من له تعب فى ملكوت السموات " و فوق الأيقونستاس ثلاثة أيقونات أثرية قديمة، وعلى الحائط الجنوبي أيقونات للسيد المسيح- الأربعة الأحياء غير المتجسدة- السيدة العذراء، وعلى الحائط الشرقي خلف المذبح أيقونة تمثل إبراهيم يقدم إبنه اسحق ذبيحة. ويحيط بالكنيسة من ناحيتها الشمالية والغربية سياج حديدي يفصلها عن الممر الذى يسير محاذياً لها إلى السلّم المؤدى فى نهايتها لأسفل الكنيسة الثانية وهى كنيسة الملاك ميخائيل. وفى الحائط الغربي لهذا الممر يوجد باب يؤدى إلى هيكل مغارة الصليب.
كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل
وهى تقع فى الطابق الأرضي من دير السلطان، ومساحتها 35 متراً، وباب الكنيسة يفتح فى الجهة الغربية على ساحة كنيسة القيامة. وبالكنيسة مذبح واحد، وحجاب الهيكل مصنوع من الخشب المطعم بالعاج على هيئة صلبان بحسب الفن القبطي، والذي لا يوجد مثله إلا فى الكنيسة السابق ذكرها وفى الكنائس القبطية بمصر القديمة. وفوق باب الهيكل كتابة من سطرين نُقشت على الحجاب، كُتب على السطر الأول "عُمل برسم الملاك ميخائيل بالقدس الشريف"، وعلى السطر الثانى تحته كتب "عوض يا رب من له تعب 1458 وهذه الكتابة مطعمة بالعاج فى الخشب. ومنها يتضح أن تاريخ عمل الحجاب كان سنة 1458 ش التى توافق 1742م. وبالحجاب بابان جانبيان آخران: أحدهما على يمين الباب الأوسط وبداخله المعمودية وقد كُتب فوقه "أنا هو الباب من يدخل منه يخلص/ من آمن واعتمد خلص". والباب الثانى على اليسار وبداخله خزانة كتب الكنيسة وقد كتب فوقه "ثم جلس الرب يسوع عند باب الخزانة بالهيكل". وفوق حجاب الهيكل أيقونات الأثنى عشر تلميذاً يتوسطها أيقونة القيامة. والأيقونات الأخرى التى بالكنيسة من الشمال إلى الجنوب هي: الأنبا أنطونيوس –الأنبا بولا- القديس الأمير تادرس – أيقونتان للسيدة العذراء- الصلبوت –السيد المسيح- الملاك ميخائيل. وعلى يمين الهيكل من الناحية الجنوبية ثلاث مقصورات أثرية، بكل منها أيقونة قبطية أثرية، الأولى للملكة هيلانة وقسطنطين والوسطى لرئيس الملائكة ميخائيل والثالثة للأربعة الأحياء غير المتجسدة. وتاريخ عمل الأيقونة الوسطى وهو سنة 1195ش، أما الأيقونتين الأخريين فليس عليهما تاريخ عملهما. وحول الكنيسة من ناحيتيها الشمالية والغربية سياج حديدى يفصلها عن الممر المؤدى إلى الباب الذى يفتح على ساحة كنيسة القيامة. وفى ساحة دير السلطان تبرز قبة كنيسة القديسة هيلانة، وفى الجهة الجنوبية إلى الشرق من كنيسة الأربعة الأحياء غير المتجسدة، وكذا من الجهة الغربية من الساحة المذكورة، توجد غرف وقلالى الرهبان. وقد عنى الأقباط طوال تاريخهم فى الأرض المقدسة بالمحافظة على هذا الدير، فلم ينتزع منهم إلا عندما احتله الرهبان الأوغسطينيون أبان مملكة القدس اللاتينية حسب ما ورد فى كتاب المؤرخ The Status quo in the Holy Places ، ولما استعان الملك الصالح نجم الدين بفرسان وجنود الخوارزم فى قتاله ضد الملك الناصر داود صاحب الشام وضد اللاتين وهاجموا مدينة القدس، نهبوها وأشعلوا النار فى كنيسة القيامة ودير السلطان (سنة 1245م). وعادت القدس إلى الملك الصالح نجم الدين، فنزلها بعد قليل وأمر بإعادة بناء السور وأُعيد دير السلطان إلى الأقباط، وكان ذلك فى عهد كل من الأنبا باسيليوس الأول (1236-1260م) أول مطران قبطي على الكرسي الأورشليمي والبابا كيرلس الثالث (إبن لقلق) الخامس والسبعين فى العدد (1235-1242م)، حسبما ورد فى كتاب عارف العارف "تاريخ القدس".